الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»
.سورة الكهف: ويقال سورة أصحاب الكهف كما في حديث أخرجه ابن مردويه وروى البيهقي من حديث ابن عباس مرفوعا أنها تدعى في التوراة الحائلة تحول بين قارئها وبين النار إلا أنه قال: إنه منكر.وهي مكية كلها في المشهور واختاره الداني وروي عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله تعالى عنهما وعدها بعضهم من السور التي نزلت جملة لما أخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس عن النبي قال: نزلت سورة الكهف جملة معها سبعون ألفا من الملائكة وفي رواية أخرى عن ابن عباس أنها مكية إلا قوله تعالى: {واصبر نفسك} الآية فمدني وروي ذلك عن قتادة.وقال مقاتل: هي مكية إلا أولها إلى: {جرزا} وقوله تعالى: {إن الذين آمنوا} إلى آخرها فمدني.وهي مائة وإحدى عشرة آية عند البصريين ومائة وعشرة عند الكوفيين ومائة وست عند الشاميين ومائة وخمس عند الحجازيين.ووجه مناسبة وضعها بعد الإسراء على ما قيل افتتاح تلك بالتسبيح وهذه بالتحميد وهما مقترنان في الميزان وسائر الكلام نحو فسبح بحمد ربك فسبحان الله وبحمده وأيضا تشابه اختتام تلك وافتتاح هذه فإن في كل منهما حمدا نعم فرق بينهما بأن الحمد الأول ظاهر الحمد الذاتي والحمد المفتتح به في هذه يدل على الاستحقاق الغير الذاتي.وقال الجلال السيوطي في ذلك: إن اليهود أمروا المشركين أن يسألوا النبي عن ثلاثة أشياء عن الروح وعن قصة أصحاب الكهف وعن قصة ذي القرنين وقد ذكر جواب السؤال الأول في آخر السورة الأولى وجواب السؤالين الآخرين في هذه فناسب اتصالهما ولم تجمع الأجوبة الثلاثة في سورة لأنه لم يقع الجواب عن الأول بالبيان فناسب أن يذكر وحده في سورة واختيرت سورة الإسراء لما بين الروح وبين الإسراء من المشاركة بأن كلا منهما مما لا يكاد تصل إلى حقيقته العقول.وقيل: إنما ذكر هناك لما أن الإسراء متضمن العروج إلى المحل الأرفع والروح متصفة بالهبوط من ذلك المحل ولذا قال ابن سينا فيها: هبطت إليك من المحل الأرفع ورقاء ذات تعزز وتمنع ثم قال: ظهر لي وجه آخر وهو أنه تعالى لما قال في تلك وما أوتيتم من العلم إلا قليلا والخطاب لليهود استظهر على ذلك بقصة موسى نبي بني إسرائيل مع الخضر عليهما السلام التي كان سبب ذكر العلم والأعلم وما دلت عليه من كثرة معلومات الله تعالى التي لا تحصى فكانت هذه الصورة كإقامة الدليل لما ذكر من الحكم في تلك السورة.وقد ورد في الحديث أنه لما نزل: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} قال اليهود: قد أوتينا التوراة فيها علم كل شيء نزل: {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي} الآية فتكون هذه السورة من هذه الجهة جوابا عن شبهة الخصوم فيما قرر في تلك وأيضا لما قال سبحانه هناك فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا شرح ذلك هنا وبسطه بقوله سبحانه: {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء} إلى قوله تعالى: {ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا}. اهـ.وللمناسبة أوجه أخر تظهر بأدنى تأمل.وأما فضلها فمشهور.وقد أخرج ابن مردويه عن ابن عمر مرفوعا: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له إلى يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين».وروى غير واحد عن أبي سعيد الخدري من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق وكان الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما كما أخرج أبو عبيد والبيهقي عن أم موسى يقرأها كل ليلة.وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مغفل مرفوعا: «البيت الذي تقرأ فيه سورة الكهف لا يدخله الشيطان تلك الليلة».وإلى سنية قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها ذهب غير واحد من الأئمة وقالوا بندب تكرار قراءتها.وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان وجماعة عن أبي الدرداء عن النبي: «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال».وفي رواية أخرى عنه رواها أحمد ومسلم والنسائي وابن حبان أيضا قال: قال رسول الله: «من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال».وأخرج الترمذي وصححه عنه مرفوعا: «من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم». إلخ.وجاء في حديث أخرجه ابن مردويه عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا: «إن من قرأ الخمس الأواخر منها عند نومه بعثه الله تعالى أي الليل شاء». وقد جربت ذلك مرارا فليحفظ والله تعالى الموفق.بسم الله الرحمن الرحيم.تفسير الآية رقم (1): {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1)}{بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرحيم الحمد لِلَّهِ الذي أَنْزَلَ على عَبْدِهِ} محمد صلى الله عليه وسلم {الكتاب} الكامل الغني عن الوصف بالكمال المعروف بذلك من بين سائر الكتب الحقيق باختصاص اسم الكتاب به، وهو إما عبارة عن جميع القرآن ففيه تغليب الموجود على المترقب وإما عبارة عن جميع القرآن ففيه تغليب الموجود على المترقب وإما عبارة عن الجميع المنزل حينئذ فالأمر ظاهر. وفي وصفه تعالى بالموصول إشعار بعلية ما في حيز الصلة لاستحقاق الحمد الدال عليه اللام على ما صرح به ابن هشام وغيره وإيذان بعظم شأن التنزيل الجليل كيف لا وهو الهادي إلى الكمال الممكن في جانبي العلم والعمل وفي التعبير عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبد مضافًا إلى ضميره تعالى من الإشارة إلى تعظيمه عليه الصلاة والسلام، وكذا تعظيم المنزل عليه ما فيه، وفيه أيضًا إشعار بأن شأن الرسول أن يكون عبدًا للمرسل لا كما زعمت النصارى في حق عيسى عليه السلام وتأخير المفعول الصريح عن الجار والمجرور مع أن حقه التقديم عليه ليتصل به قوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ} أي للكتاب {عِوَجَا} أي شيئًا من العوج باختلال اللفظ من جهة الأعراب ومخالفة الفصاحة وتناقض المعنى وكونه مشتملًا على ما ليس بحق أو داعيًا لغير الله تعالى والعوج وكذا العوج الانحراف والميل عن الاستقامة إلا أنه قيل هو بكسر العين ما يدرك بفتح العين وبفتح العين ما يدرك بفتح العين فالأول الانحراف عن الاستقامة المعنوية التي تدرك بالبصيرة كعوج الدين والكلام، والثاني الانحراف عن الاستقامة الحسية التي تدرك بالبصر كعوج الحائط. والعود وأورد عليه قوله تعالى: في شأن الأرض {لاَّ ترى فِيهَا عِوَجًا وَلا أَمْتًا} [طه: 107] فإن الأرض محسوسة وإعوجاجها وكذا استقامتها مما يدرك بالبصر فكان ينبغي على ما ذكر فتح العين، وأجيب بأنه لما أريد به هنا ما خفي من الاعوجاج حتى احتاج إثباته إلى المقاييس الهندسية المحتاجة إلى أعمال البصيرة الحق بما هو عقلي صرف فأطلق عليه ذلك لذلك وتعقب بأن لا ترى ظاهر في أن المنفي ما يدرك بالبصر فيحتاج إلى أن يراد به الإدراك، وعن ابن السكيت أن المكسور أعم من المفتوح.واختار المرزوقي في شرح الفصيح أنه لا فرق بينهما..تفسير الآية رقم (2): {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)}{قَيِّمًا} أي مستقيمًا كما أخرجه ابن المنذر عن الضحاك وروى أيضًا عن ابن عباس، والمراد مما قبل أنه لا خلل في لفظه ولا في معناه، والمراد من هذا أنه معتدل لا إفراط فيما اشتمل عليه من التكاليف حتى يشق على العباد ولا تفريط فيه بأهمال ما يحتاج إليه حتى يحتاج إلى كتاب آخر كما قال سبحانه: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْء} [الأنعام: 38] ولذا كان آخر الكتب المنزل على خاتم الرسل عليه الصلاة والسلام، وقيل المراد منه ما أريد مما قبله وذكره للتأكيد.وقال الفراء: المراد قيمًا على سائر الكتب السماوية شاهدًا بصحتها. وقال أبو مسلم: المراد قيمًا صالح العباد متكفلًا بها وببيانها لهم لاشتماله على ما ينتظم به المعاش والمعاد وهو على هذين القولين تأسيس أيضًا لا تأكيد فكأنه قيل كاتبًا صادقًا في نفسه مصدقًا لغيره أو كتابًا خاليًا عن النقائض حاليًا بالفضائل وقيل المراد على الأخير أنه كامل في نفسه ومكمل لغيره، ونصبه ضمر أي جعله قيمًا على أن الجملة مستأنفة أو جعله قيمًا على أنها معطوفة على ما قبل إلا أنه قيل إن حذف حرف العطف مع المعطوف تكلفّ؛ وكان حفص يسكت على {عِوَجَا} سكتة خفيفة ثم يقول: {قَيِّمًا}.واختار غير واحد أنه على الحال من الضمير في {لَهُ} [الكهف: 1] أي لم يجعل له عوجًا حال كونه مستقيمًا ولا عوج فيه على ما سمعت أولًا من معنى المستقيم إذ محصله أنه تعالى صانه عن الخلل في اللفظ والمعنى حال كونه خاليًا عن الإفراط والتفريط، وكذا على القولين الأخيرين، نعم قيل: إن جعله حالا من الضمير مع تفسير المستقيم بالخالي عن العوج ركيك.وتعقبه بعضهم بأنه تندفع الركاكة بالحمل على الحال المؤكدة كما في قوله تعالى: {ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} [التوبة: 25] وفيه بحث، وجوز أن يكون حالا من الكتاب، واعترض بأنه يلزم حينئذ العطف قبل تمام الصلة لأن الحال نزلة جزء منها، وأجيب بأنه يجوز أن يجعل {وَلَمْ يَجْعَل} [الكهف: 1] إلخ من تتمة الصلة الأولى على أنه عطف بياني حيث قال تعالى: {أَنْزَلَ على عَبْدِهِ الكتاب} [الكهف: 1] الكامل في بابه عقبه بقوله سبحانه: {وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} [الكهف: 1] فحينئذ لا يكون الفصل قبل تمام الصلة، وهو نظير قوله تعالى: {وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ الله وَكُفْرٌ بِهِ والمسجد الحرام} [البقرة: 217] وعلى قول. وأيضًا يجوز أن يكون الواو في {وَلَمْ يَجْعَل} [الكهف: 1] للحال والجملة بعده حال من {الكتاب} [الكهف: 1] كقيما واختاره الأصبهاني.وقال أبو حيان: إن ذاك على مذهب من يجوز وقوع حالين من ذي حال واحد بغير عطف وكثير من أصحابنا على منعه، وقال آخر: إن قياس قول الفارسي في الخبر أنه لا يتعدد مختلفًا بالأفراد والجملية أن يكون الحال كذلك.وأجيب بأنه غير وارد إذ ما ذكره الفارسي خلاف مذهب الجمهور مع أنه قياس مع الفارق فلا يسمع، وكذا ما ذكره أبو حيان عن الكثير خلاف المعول عليه عند الأكثر، نعم فرارًا من القيل والقال جعل بعضهم الواو للاعتراص والجملة اعتراضية، وفي الكلام تقديم وتأخير والأصل الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له عوجًا، وروي القول بالتقديم والتأخير عن ابن عباس. ومجاهد، وذكر السمين أن ابن عباس حيث وقعت جملة معترضة في النظم يجعلها مقدمة من تأخير، ووجه ذلك بأنها وقعت بين لفظين مرتبطين فهي في قوة الخروج من بينهما، ولما كان {قَيِّمًا} يفيد استقامة ذاتية أو ثابتة لكونه صفة مشبهة وصيغة مبالغة، وما من شيء كذلك إلا وقد يتوهم فيه أدنى عوج ذكر قوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَل} [الكهف: 1] إلخ للاحتراس، وقدم للاهتمام كما في قوله:ومن هنا يعلم أن تفسير القيم بالمستقيم بالمعنى المتبادر، وان قول الزمخشري فائدة الجمع بينه وبين نفي العوج التأكيد فرب مستقيم مشهود له بالاستقامة ولا يخلو من أدنى عوج عند السبر والتصفح غير ذي عوج عند السبر والتصفح، وأنه لا يرد قول الإمام إن قوله تعالى: {لَّمْ يَجْعَلِ لَّهُ عِوَجَا} [الكهف: 1] يدل على كونه مكملًا في ذاته، وقوله سبحانه: {قَيِّمًا} يدل على كونه مكملًا لغيره، فثبت بالبرهان العقلي أن الترتيب الصحيح كما ذكره الله تعالى وان ما ذكروه من التقديم والتأخير فاسد يمتنع العقل من الذهاب إليه انتهى.ولعمري أن هذا الكلام لا ينبغي من الإمام إن صح عنده أن القول المذكور مروى عن ابن عباس ومجاهد، فإن الأول ترجمان القرآن وناهيك به جلالة ومعرفة بدقائق اللسان، وقد قيل في الثاني إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك، وقال صاحب حل العقد: يمكن أن يكون قيما بدلًا من قوله تعالى: {وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} [الكهف: 1] قال أبو حيان: ويكون حينئذ بدل مفرد من جملة كما قالوا في عرفت زيدًا أبو من هو إنه بدل جملة من مفرد، وفي جواز ذلك خلاف، هذا وزعم بعضهم أن ضمير {لَهُ} [الكهف: 1] عائد على {عَبْدِهِ} [الكهف: 1] وحينئذ لا يتأتى جميع التخاريج الإعرابية السابقة، وقرأ أبان بن ثعلب {قَيِّمًا} بكسر القاف وفتح الياء المخففة؛ وفي بعض مصاحف الصحابة {وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا عِوَجَا قَيِّمًا} وحمل ذلك على أنه تفسير لا قراءة {لّيُنذِرَ} متعلق بـ {انزل} [الكهف: 1] واللام للتعليل، واستدل به من قال بتعليل أفعال الله تعالى بالإغراض كالسلف والماتريدية، ومن يأبى ذلك بجعلها لام العاقبة، وزعم الحوفي أنه متعلق بقيما وليس بقيم، والفاعل ضمير الجلالة، وكذا في الفعلين المعطوفين عليه، وجوز أن يكون الفاعل في الكل ضمير{الكتاب} [الكهف: 1] أو ضميره صلى الله عليه وسلم، وأنذر يتعدى لمفعولين قال تعالى: {أنذرناكم عَذَابًا قَرِيبًا} [النبأ: 40] وحذف هنا المفعول الأول واقتصر على الثاني، وهو قوله تعالى: {بَأْسًا شَدِيدًا} إيذانًا بأن ما سيق له الكلام هو المفعول الثاني، وأن الأول ظاهر لا حاجة إلى ذكره وهو الذين كفروا بقرينة ما بعد، والمراد الذين كفروا بالكتاب، والظاهر أن المراد من البأس الشديد عذاب الآخرة لا غير، وقيل يحتمل أن يندرج فيه عذاب الدنيا {مِن لَّدُنْهُ} أي صادرا من عنده تعالى نازلًا من قبله قابلة كفرهم فالجار والمجرور متعلق حذوف وقع صفة ثانية للبأس، ولدن هنا عنى عند كما روي عن قتادة، وذكر الراغب أنه أخص منه لأنه يدل على ابتداء نهاية نحو أقمت عنده من لدن طلوع الشمس إلى غروبها، وقد يوضع موضع عند.وقال بعضهم: إن {لَّدُنْ} أبلغ من عند وأخص وفيه لغات، وقرأ أبو بكر عن عاصم باشمام الدال عنى تضعيف الصوت بالحركة الفاصلة بين الحرفين فيكون إخفاء لها وبكسر النون لالتفاء الساكنين وكسر الهاء للاتباع، ويفهم من كلام بعضهم أنه قرأ بالإسكان مع الاشمام عنى الإشارة إلى الحركة بضم الشفتين مع انفراج بينهما فاستشكل في الدر المصون. وغيره بأن هذا الاشمام إنما يتحقق في الوقف على الآخر وكونه في الوسط كما هنا لا يتصور، ولذا قيل: إنه يؤتى به هنا بعد الوقف على الهاء. ودفع الاعتراض بأنه لا يدل حينئذ على حركة الدال وقد علل به بأنه متعين إذ ليس في الكلمة ما يصلح أن يشار إلى حركته غيرها، ولا يخفى ما فيه، وما قدمناه حاسم لمادة الإشكال. وقرأ الجمهور بضم الدال والهاء وسكون النون إلا أن ابن كثير يصل الهاء بواو وغيره لا يصل {وَيُبَشّرُ} بالنصب عطف على {ينذر} وقرئ شاذًا بالرفع.وقرأ حمزة. والكسائي {أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ} بالتخفيف {المؤمنين} أي المصدقين بالكتاب كما يشعر به وكذا بما تقدم ذكر ذلك بعد الامتنان بإنزال الكتاب {الذين يَعْمَلُونَ الصالحات} أي الأعمال الصالحة التي بينت في تضاعيفه، وإيثار صيغة الاستقبال في الصلة للإشعار بتجدد العمل واستمراره، وإجراء الموصول على موصوفه المذكور لما أن مدار قبول العمل الإيمان {أَنَّ لَهُمْ} أي بأن لهم قابلة إيمانهم وعملهم المذكور {أَجْرًا حَسَنًا} هو كما قال السدى وغيره الجنة وفيها من النعيم المقيم والثواب العظيم ما فيها، ويؤيد كون المراد به الجنة ظاهر قوله تعالى:
|